أتأسّى باللغةِ حينَ أقرَأ الأدبَ وأصغِي للقَصِيدة.

الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

فعلُ الكتابة في أقرأ 2017


" أعتقد أنّ الكتابة ليست فعلاً سهل التطويع ، إلى حدّ أن يكون زادك الوحيد فيه هو موضوع نهبك إياه لتقبض عليه بيديك ، وليست فعلاً سهل التطويع حتى يتجلّى لك الموضوع بين طرفين ، بين استفهامين ، بين الدجاجة والبيضة ، بين الشاعر والموسيقى.
فعلُ الكتابة لا تطوّعه محاولاتك المستميتة ، ولا رغبتك الهزيلة ، فالكتابة هي احتشاد مشاعرك وتدافع أفكارك ، هي ألا تجد حيلة تخفف وطأة هذا الاحتشاد والتدافع غير أن تمسك قلمًا وتتدفّق على ورقة "

كان هذا إحدى نصوصي لفقرة " لُقيا الصباح " الفقرة الصباحية التي يُعرض فيها أحد النصوص الأدبية ، ويُطلبُ منّا التعليق عليه إمّا بالنقد مثلاً أو الإكمال أو الرد أو كيفما كان توظيفنا للفكرة ، فالمهم أن ننجح في التغلب على بياض الورقة المُربك ، وأن تتمرس أقلامنا في سعيها من سطرٍ إلى آخر تواليًا خلال 10 – 20 دقيقة ، وأن تكتسب أفكارنا لياقة التواردِ متى استدعيناها.

وأرى أنّ لهذه الفقرة فاعليتها بالنسبة لي ، أنا التي لم أتصالح قط مع الكتابة تصالحًا كاملاً ، أعقدُ معها فتراتٍ من الهدنة وحين أعتقدُ أنّ كلّ شيء يسير على ما يُرام ، وأنّ لهذه المدوّنة بين أيديكم أن تحصلُ على أمانِ إثرائها بين الفينة والأخرى ، ثمّ وفي منتصف الطريق ، يسقطُ القلمُ على الأرض ، وأفقد لياقة الانحناء لالتقاطه ، ويأبى بياض الورقة إلاّ أن يكونّ بياضًا فجًا غير قابلٍ للسعي ولا للمرور عليه. ثمّ بكلّ بساطة تنتهي الهدنة.
ومن الواضح الآن أنّ الهدنة في منتصفها ، وأضمن استمرارها إلى وقتٍ طويلٍ إلى حدٍ ما ، بفضل تجارب الكتابة التي أخوضها في ملتقى أقرأ ، ففضلاً عن فقرة " لُقيا الصباح " هأنذا أكتبُ التدوينة السابعة خلال شهرٍ واحدٍ بعد انقطاعي عن الكتابة مدة سنة كاملة.

وهذا لرغبتي في الحفاظ على تفاصيل التجربة بوجودي في أقرأ ، فذاكرة الورق لا تشبه ذاكرتي العصيّة ، القصيّة ، ذاكرتي التي تقرر كثيرًا أن تحتفظ بانتصاراتي في أحلك زواياها ، فأضيع قبل أن أستدلّ على الطريق ، ذاكرتي التي تغتالُ وجوهُ العابرين اللطفاء متى احتجتُ حضور أطيافهم ليبددوا خيبتي بالبعض حولي ،  ذاكرتي التي تقرر أحيانًا أن تحتفظ بأوجاعي وهزائمي حاضرة لكن بعيدة حتى لا تطالها يدُ النسيان وتأخذها بذنب الوأد، تلك ذاكرتي التي لا أثقُ بها ، أما ذاكرةُ الورق لا تخوننا أبدًا ، الأمرُ يُشبه كتابة المذكرات ، كعادة تحفظُ عقودَ العمر الواحد المنبتّ ، وتجاربهُ الثريّة خيبة وبهجة ، حقيقة تثبتَّ للقادمين من بعدنا أنّا كنّا يومًا هنا.

أحبُّ أن أكتب ، وأهابُ أن أكتب ، وأريدُ أن أكتب ، وأهربُ إذ جئتُ أكتب ، فرصة ثالثة يهبي إيّاها الملتقى حتى لا تكون أسطري مستقبلاً مضطربة كهذا السطرِ الذي لم يعرف بعد موقفي منه ، أأحبه أم أهابُه ، أأريدهُ أم أرفضه.
فبعد الغد سنسلّم نصوصنا النهائية التي سنقدمها في نهاية الملتقى كتعبيرٍ عن أكثر الأفكار التي تنتمي إلينا ، عما نريدُ الإفصاح به أمام الآخرين ، كتبتُ نصًا أولاً لم أرضَ عنه ، لُغته باهتة ، وخدوشه كثيرة ،  فركنتُه جانبًا وبدأتُ من جديد ، أنهيتُ النص الثاني ، ولا أدري كيف سيكون وقعهُ على الحضور ولجنة التحكيم ، لكن يكفيني أني وضعتُ النقطة الأخيرة فيه ثمّ اتكأتُ على الكرسيّ وأومأتُ برأسي قائلة : تبدو جيّدًا كفاية لتخرجَ إلى النور.

أخيرًا قالت رضوى ذات يوم تعبيرًا عنها ، وعني " أكتب ما لا يرضيني ، وما يرضيني يفوق قدرتي على الكتابة "
لا أعدُ أحدًا بأنني سأكتبُ دائمًا ، لا أستطيع حتى أن أعد نفسي ، ستظلُّ علاقتي بالكتابة إلى أجلٍ غير مسمّى ،  هي محاولاتي في أن أكتبُ سطرًا / نصًا واحدًا أتخفف به وأرضى عنه.

2 التعليقات:

(أحبُّ أن أكتب، وأهابُ أن أكتب، وأريدُ أن أكتب، وأهربُ إذ جئتُ أكتب)👏🏼 أرجو أن ألا ينضب فيض قلمك✨

أرجو ذلك أيضًا ، ممتنة لتواجدك ، شاكرة ثقتك ❤

إرسال تعليق