أتأسّى باللغةِ حينَ أقرَأ الأدبَ وأصغِي للقَصِيدة.

الأحد، 13 أغسطس 2017

اليوم الأول في ملتقى أقرأ 2017


الأحد 21 / 11 / 1438 هـ
لماذا شاركتِ في مسابقة أقرأ ؟
لأن الدخول إلى عالم أقرأ بالنسبة لي كان حلمًا والأحلام قليلاً ما تتحقق ، السؤال بالنسبة لي يبدو على هذه الشاكلة ، لماذا قبلت أقرأ بوجود أصالة في عالمها ، شيئًا فشيئًا تتضح الإجابة : كي تدهشني وتغذّي رباعية الشّغف عندي ( اللغة ، القراءة ، الكتابة ، الإلقاء ).
هذه الإجابة التي قفزت إلى عقلي في جلسة النقاش الأولى من اليوم الأول في الملتقى ، لكن ومع الزحام وطول المناقشات لم يتسنى لي طرحها فقررتُ طرحها هنا.
أقرأ " نورٌ على نور " نور الدهشة الذي ينبثق إثر كل فعالية وخطوة نخطوها ، لا شيء واضح ، لا شيء معروف ، حتى وهم يطلعوننا على جدول الفعاليات اليومية يفضلون أن يبقى كل شيء مبهمًا وقابلاً لقراءاتنا المتعددة ، في جدول اليوم مثلاً كُتب:
-         ما هي الدهشة ؟
-         وتأتي الفكرة | 5:00
-         سؤال العيش المشترك | 6:00
-         تشابك |7:30
ما الذي يُمكن فهمه من مثلِ هذه الكلمات والعبارات ، وفي حين وجّهنا سؤالا استفهاميًا لأحد أعضاء فريق العمل تكون الإجابة الموحدة : مفاجأة.
ويبدو أنّ قانون الدهشة والمفاجآت هو قانونهم الأول في كل ما يقدمونه لنا ، لهذا قررتُ الاستسلام طواعية لكل هذا الإبهام والغموض وأصبحتُ أستمتع بالخطوة التي لا أعرف فيها إلاّ موضع قدميّ وأنا واثقة أنّ النور سينبثق على إثر الخطوة القادمة.
النور الثاني في عالم أقرأ هو الحصيلة المعرفية الثمينة التي نحصل عليها من خلال الفعاليات.
فمثلاً  " سؤال العيش المشترك " كان عنوانًا لمحاضرة ألقاها علينا الأستاذ عبد الله الخطيب ، وهنا حلمٌ آخر تحقق ، كثيرًا ما شاهدت عبر اليوتيوب المحاضرات الثقافية المقدمة في مكتبة تكوين الإبداعية في الكويت أو المحاضرات المقدمة في مركز سيدانة الثقافي في جدة ، تخيلتُ نفسي بين الحضور ومعهم ، منتشية بفلسفة قارئ ما إزاء ما يقرأ أو خلاصة تجربة كاتب فيما يكتب ، أو طرح مثقف لموضوع ضمن مجالات اهتمامه الثقافية ، اليوم فعلاً كنتُ هناك أو هنا ، لا فرق ، فعلى المنصة وجُد المثقف وفي الصفوف الأولى جلس بعض الكتّاب ، والقرّاء حولي يزهرون في كلّ مكان ، تدثرتُ حينها ببردة الأمان.
تحدّث الأستاذ عبد الله عن النزعة الاجتماعية للإنسان من منظور فلاسفة متعددين ، واتكأ بالأكثر على اتجاه الفيسلوف تودوروف في طرحه وبالأخص في فكرة حاجة الإنسان إلى الاعتراف بوجوده في إطار معنيين
المعنى الأول الضيق يتمثّل في " الاعتراف بوجوده ككيان مستقبل " والمعنى الأكثر شمولاً واتساعًا يتمثل في التأكيد على قيمته بلونه وجنسه وفكره ودينه ومذهبه وتوجهه "
فنحن كبشر قد نحتمل فكرة أن يرفض الآخر شيئًا فينا أو منّا لكن لا نحتمل فكرة تهميشنا والتعامل معنا على أننا غير موجودين وتنوّع طرحه بعد ذلك  حول موضوع المثاقفة والممارسات الثقافية على مستوى قيم المعرفة ، بالنسبة لي كان طرحهُ ثريًا و وجدتُ جوانب كثيرة قاربتُ بينها وبين تخصصي الدراسي في الخدمة الاجتماعية ، ومن جملة العبارات الملهمة التي قالها مسشتهدًا بصاحبها : أن تكون تلميذَا يعني أن تتعلم كيف تنهض في الحياة "
بعد انتهاء تلك المحاضرة الماتعة تمّ أخذنا في رحلة ، ركبنا الباص ونحن نجهل وُجهتنا ، الآن لم أتكبّد عناء التفكير في الوجهة والحدث ، بعد مرور نصف ساعة تقريبًا وجدنا أنفسنا أمام جمعية الثقافة والفنون في مدينة الدمام ، أوه يبدو الأمر مثيرًا ، نزلنا وجلسنا في الصفوف الأمامية ، ونحن نجهلُ إلى ذاك الحين ما الذي سيحدث وفجأة ومن بين الظلام ظهر وجهان من خلف الطاولة التي كانت على المسرح أحدهما من اليمين والآخر من اليسار ، ما الذي حدث ؟ التفاتة واحدة على الجمهور الكريم تقرأ من خلالها علامات الانتباه الكامل والتساؤلات المفخخة المطروحة في أعينهم ، والابتسامات المشدوهة ، والضحكات المتعالية بين الفينة والأخرى ، التحايا الحارة التي كانت تقطع العرض المسرحي كل مرة ، تُدرك من خلال كل ذلك أنّ ما حدث لم يكن عاديًا ، والاستثناء كان كامنًا في تكرار الحضور لعبارة " أول مرة أحضر مسرحية "
فكيف والمرة الأولى تُكلل بكل هذا التوفيق والنجاح ، كان عنوانها " تشابك " ، وتنتمي إلى المدرسة الملحمية ضمن فنون المسرح والقاعدة الأولى فيها هي ( كسر الإيهام ) وهذا يعني أنه من فور اعتقادك إثر مقطعٍ ما بأنك فهمتَ المعنى وقبضت على جوهر الحدث ، تدرك أن محاولتك ، كانت محاولة فشلِ ذريع ، أنت هناك فقط لأجل الأسئلة ، لأجل أن تتخبط بينها ، وتخلق المزيد منها ،  وتقف على كل الاحتمالات وترى الوجوه المتعددة للحقيقة.
كنّا على المسرح أنا وكلّ الحضور وأنتّ ، حاول الممثلان المبدعان عبد الرحمن المزيعل وسامي الزهراني أن يجسدا الحوار الأزلي القائم بينك وبين أناك ، حاولا أن يقفا في تلك المنطقة الحساسة التي تشعر بسببها دائمًا بأنك كلُّ واحد في قمة تناقضاته.
الآن وفي نهاية يومي الأول في الملتقى أشعر بفورة الأفكار في عقلي ، ولم تشبع هذه التدوينة القصيرة في طولها والمبخسة في محتواها حاجة البوح والإفضاء والاتساق لدي .
أنا هنا بسبب القراءة وأكثر ما أمارسه شخصيًا هو التدوين والكتابة ، وأجهز لإلقاء فكرتي التي ستكون نتاج وجودي في هذا الملتقى ، واللغة حاضرة في كل ذلك ، عالم أٌقرأ فعلاً " نورٌ على نور "




0 التعليقات:

إرسال تعليق