عبّرت
لي صديقة ذات مرة عن ضرورة مشاركة الأصدقاء حين تداعب أحد الأحلام خيالاتنا ، حين
نقرر في لحظة عاصفة ترتيب أوراق الحياة المبعثرة بين أيدينا ، ولملمة شتات الأفكار والأمنيات.
لم
آخذ الفكرة حينها على محمل الاقتناع تمامًا ، لكنني أومأتُ برأسي ربما مجاملة
وربما على نحوِ ترك الفرصة لتجارب الحياة كي تثبت لنا ما قالته أو العكس ، بعد
فترة ، جاءتني الصديقة وكأنها لا تريد لنا الانتظار ، فخلقت بنفسها أوّل تجربة
مختلفة جاءت في مقام الاحتفاء بالأصدقاء ، في مقامِ المشاركة التي لا تقتصر على
" العيش والملح " ولتكن الإنجازات والعثرات والنجاحات وأسرار المخاوفِ
وما للثقة والإيمان من مساحات تجمع بيننا.
فكانت
تجارب كثيرة أحدها " مشروع آكام " كبذرة أودعها الله بيدِ صديقتي خولة
وعلى نحو ما شاء في أقداره كنتُ أنا وصديقات أخريات قائماتِ على ريّ تلك البذرة
حريصاتٍ على نموها شاهداتٍ على لذة حصادها.
آكام
كان حُلمها وحدها حلمًا باعدت المخاوف بينها وبينه قبل أن يُخلق كاملاً ، ثمّ ها
هو اليوم يكبرُ موسمًا فآخر بسعينا جميعًا ، ويكون في عمرِ الكثيراتِ تجربة ،
فريدة ، تختلفُ مكاسبها.
آكام
هو مشروع نستهدفُ فيه الفتيات في المرحلة المتوسطة والصف الأول الثانوي ،
لمساعدتهنّ في التعرّف على مسارات الحياة ( الروحي ، الاجتماعي ، الثقافي ، الصحي
، المالي ، المهاري ) من خلال مجموعة من الفعاليات المتنوعة والتي تُكسبهن القدرة
على تحقيق النمو المتوازن في كل هذه المسارات واكتساب مهارة التعلم الذاتي فيها.
اليوم
17 / 1 / 1439هـ كان افتتاحُ الموسم
الثالث من آكام
ومذ
بدأنا آكام بموسمه الأول غدت أصباحُ السبتِ أثيرة لدي ، كيف لا وهي ميعادي مع
وجوهٍ طيّبة يطفرُ الحماس من عينيها ، مع أرواحٍ أشعر بقربها مني على نحوٍ لا أستطيع
التعبير عنه بدقة ، غيرَ أن غاية ما أرجوه لها أن تحقق انتصاراتها العظيمة على
نفسها ، وتنجو من مهالكِ الحيرةِ التي لا يفلتُ منها من أعجزتهُ مفترقات التّيه ،
وأعيته أفاق العالم المتصاغرة بعينيه ، غير أنّ غاية ما أرجوه لتلك الأرواح أن
تعيش تجربة مميزة وفارقة في رحلةِ العمرِ الممتد إلى أقصى ما تستطيع الوصول إليه
حين تعرف ما تريد وتؤمن بالغاياتِ البعيدة ، القريبة.
آكام
جمع أكمة وهي تعني " التل المرتفع " تم اختيار هذا المسمى لغرابته
وجماله ورمزيته المتعلقة بالتميز على مستوى الأقران.
في
افتتاحية الموسم الثالث اليوم اجتمعن والدات المشتركات برئيسة جمعية واعي للتوعية
والتأهيل الاجتماعي د. فتوحة الأندونيسي والتي حرصت على تبصيرهنّ بفكرة البرنامج
وأهدافه وكل ما يتعلق بمصلحة المشتركات ، أمّا نحن كفريق عمل فقد قضينا الوقت مع
المشتركات الجميلات حيث تمّ التعارف بيننا في أجواء مرح ممتعة ، ثمّ حرصنا على
تعريفهن بالبرنامج وأهدافه ، وطريقة العمل والانجاز في المسارات طوال فترة
البرنامج ، واستضفنا مشتركتين مميزتين من
مشتركات الموسم السابق ( الشيماء الشهري ، منار الأحمدي ) حتى يستقين التجربة ممن
عشنها وكيف أثّرت عليهنّ واستفدن منها.
أخيرًا
آكام ليس لهنّ فقط آكام لنا نحن أيضًا كفريق العمل وربما ما نخرج به من آكام من
ثراء التجارب والاستمتاع بها مع مرحلة عمرية هامة كهذه هو أضعاف ما نستطيع منحه
لهنّ ، لذلك شكرًا لكلّ من لا يكون آكام إلا بها ، شكرًا للأصدقاء الذين نتقاسم معهم تفاصيل الرحلة بما يشقّ قبل أن يطيب على خارطة السعي وناصية الحلمِ و وسط شتات الأفكار.