أتأسّى باللغةِ حينَ أقرَأ الأدبَ وأصغِي للقَصِيدة.

الخميس، 10 أغسطس 2017

القيم / دورة المعرفة الذاتية



أرفق هذه المقالة في المدونة كتوضيح أكثر تفصيلاً حول موضوع " تحديد البناء القيمي الشخصي " كأحد محاور دورة المعرفة الذاتية التي قمتُ بتقديمها يوم الأربعاء الموافق 17 / 11 / 1438 هـ ضمن سلسلة دورات الذكاء الذاتي والتي أهدف من خلالها إلى تفعيل دوري الوقائي والتنموي مع أفراد المجتمع كأخصائية اجتماعية محاولةً رفع الكفاءة الذاتية الخاصة بهم في مواجهة مواقف الحياة والتصدي لعقباتها ومشكلاتها والتعامل بفعالية مع تجاربها وخبراتها من خلال اتخاذ القرارات التي تحقق للفرد أقصى استفادة ممكنة من قدراته وإمكانياته ومساعدته على تحديد أهدافه وتحقيق مستويات جيدة من النمو.

حيث جاء هذا الموضوع من  حيث أهميته في تكوين الوعي بالذات و مساعدة الفرد على تحديد أولويات حياته وتسهيل عملية اتخاذ القرارات فيها كقرار اختيار التخصص الجامعي مثلاً أو اختيار شريك الحياة بالإضافة إلى دور القيم في تقويم سلوكيات الفرد كمعيار يُحتكم إليه.

درج الخلط بين مفهوميّ المبادئ والقيم لدينا وكثيرًا ما اقترن ذكرهما ببعضها البعض ، ولأنّ موضوعات القيم عامّة من الموضوعات التي تقع ضمن حيّز اهتمامي ، حضرتُ العديد من الدورات التي تتحدث عنها وحولها ، فضلاً عن مساهمتي في إعداد بعضها ، بالإَضافة إلى قراءاتي في هذا المجال ، وعلى إثر ذلك أطرح لكم تعريفاتي البسيطة التي أحاول من خلالها إجلاء الخيط الرفيع الفاصل بين مفهومي المبادئ والقيم ، والباب مفتوحٌ لكل الاجتهادات المماثلة والتي ستفيدنا بالتأكيد.
المبادئ  :هي القواعد الأساسية التي تحكم علاقاتنا مع الله ثمّ الكون والبشر وتفاعلاتنا مع البشر ( كمسلمين تعتبر المبادئ الأخلاقية في الدين ).
طبعًا هذه لا فصال ولا جدال فيها مثل العدل والصدق والصبر والبر والأمانة والإيثار وغيرها من المبادئ التي نعترف بوجودها كمسلمين لكن لا تحكم جميعها سلوكياتنا ولا بعضها بنفس الدرجة.
القيم : هي التفضيلات مادية كانت أو معنوية لفرد أو جماعة أو مجتمع.
حين نقول أنها تفضيلات فهي ليست فقط تفضيلات أخلاقية ومعنوية لكن قد تكون أيضًا مادية ، فهي كل مفهوم ذا شأن وقيمة لدى الأفراد أو الجماعات أو المجتمعات ، مثل قولنا بوجود مجتمعات تسودها القيم المادية النفعية ، هذا يعني أنّ غالب القيم المادية تسود القيم المعنوية لديهم ، انفعني لأنفعك لا توجد قيمة للإيثار أو البذل أو توجد لكنها متدنية ، على مستوى الفرد مثلاً قد يحاول الفرد الحصول على المال متجاوزًا العديد من القيم المعنوية كالأمانة والصدق وغيره.
وهنا عدتُ لذكر الأمانة والصدق كقيم معنوية في حين أني ذكرتها سابقًا كمبادئ
فأعود للتأكيد أننا نقر بوجود المبادئ لكن لا نتصرف جميعنا على أساسها ، لكن حين نقول أن هذا الشخص يعتبر الأمانة قيمة مهمة لديه هذا يعني أنه بالضرورة يتصرف على أٍساسها لأنها جزء من بنائه القيمي الشخصي.
إذن مبادئي كمسلم ، وقيمي الشخصية كفرد.

أذكر هنا مثالاً توضيحيًا للعبة قديمة جرّبها البعض ، تدور حول سؤال ( فيم لو تخييرك بإلقاء البعض من السفينة حماية لها من الغرق والإبقاء على شخص واحد فمن سيكون ؟ )

لو كانت قائمة الموجودين تدور حول الأم والأب والأخ والجار وشخص غريب
سيكون التفاضل بين الخيارات السابقة نابعًا من منطلقات المبادئ المتعلقة بالدين أمامنا كمسلمين ، هذا يعني أنك قد تتخلّى عن الشخص الغريب أولاً من منطلق أنّ الأقربون أولى بالمعروف ، والجار له حصانته بوصاية الرسول صلى الله عليه وسلم عليه ، ثمّ تتخلّى عن الجار مقابل الأهل ثمّ عن الأخر مقابل الوالدين ، ثمّ قد ترجح كفّة الأم التي ذكرت فيها الوصية ثلاًث مرات مقابل المرة الواحدة للأب.
لكن ماذا لو كان في السفينة أخان لك ، كيف ستفاضل بينهما ؟
دعنا نفترض أنّ الأخ الأول قدّم لك في حياتك تضحية طالما عبّرت له على إثرها أنك لن تنساها له ، والأخ الآخر لديه عائلة زوجة وأبناء. هنا يمكن للتفاضل أن يكون على أساس القيم ، ففيم لو كنت شخصًا تُعلي قيمة التضحية وردّ الجميل فيسكون أخوك الآخر كبش الفداء ، وفيم لو كنت شخصًا تُعلي قيمة العائلة ، سيكون أخوك الأول هو كبش الفداء.

ولن تكون مخطئًا في الحالتين ، فعند الحديث عن القيم لا توجد قيمة صحيحة وأخرى خاطئة ، ولكن يوجد توظيف صحيح لقيمة وتوظيف خاطئ لها.
وهنا تجدر بي الإشارة إلى أولئك الذين يقدّمون لنا نصائحهم وتوجيهاتهم عندما نصل لمفترقات طرق الاختيار في حياتنا، فنجد أن كل واحدٍ منهم يعطينا سلسلة طويلة من النصائح قوامها منطلقاته القيمية الخاصة به ، وهذا لا بأس فيه ، لكن العجب فيمن يتعامل مع هذه النصائح على أساس كونها الوجه الوحيد للصواب وما يجدر اتخاذه أو فعله ، كل منظومة قيمية تعبّر عن حياة صاحبها وشخصيته وبيئته وربما تجاربه وخبراته.

أمّا عن أنواع القيم فقد تعددت تصنيفاتها واختلفت حسب منطلقات العلوم الباحثة فيها ، وهنا أضع التصنيف الأقرب لمجال حديثنا :
أنواع القيم:
1- القيم الدينية:  هي التفضيلات التي يُعليها لنا الدين بخصوصها في علاقتنا بالله عز وجل مثل استشعار مراقبة الله ، الخشوع والرجاء و غيرها ، نلاحظ أنها تعبر عن المبادئ بشقها المتصل بعلاقتنا مع الله
2- القيم الاجتماعية : هنا التفضيلات التي تربطنا في علاقتنا بالبشر مثل الإيثار والعطاء وهنا تعبر عن المبادئ في شقها المتصل بعلاقتنا مع البشر.
3- القيم الاقتصادية: تفضيلات المال والاستهلاك والانتاجية.
4- القيم السياسية : التفضيلات المتصلة بعلاقة الحكومات بشعوبها والحكومات ببعضها البعض والعلاقات القيادية
5- القيم المهنية أو العملية : التفضيلات في ميادين العمل كالالتزام والانتاجية والتطور والإبداع
6- القيم الجمالية.المتعلقة بتفضيلات الناس حول الأذواق والفنون
7- القيم النظرية : المتعلقة بتفضيلات الناس في ميادين العلم والمعرفة والفكر بحثًا عن الحقائق القوانين التي تحكم الأشياء.
وبالتأكيد كل ما سبق بالنسبة لنا كمسلمين مرجعيته الدين.

أمّا عن مناط حديثنا " القيم الشخصية "
فهي التصنيف الانتقائي من كل ما سبق بالإضافة إلى قيم تحقيق الذات مثل النمو الشخصي والتميز والطموح.
وقد ذكرتُ بداية أهمية وجود القيم الشخصية ، وتتعدد مسمياتها كالسلم القيمي الشخصي أو التدرج القيمي الشخصي أو الهرم القيمي الشخصي.
هذه التسميات نسبة للتفاضل بين القيم لدى كل منّا لأنها لا تمثل لنا نفس الدرجة من الأهمية والأولوية وهنا يتضح أكثر دورها في تحديد أولوياتنا وقراراتنا.
ويوجد ترتيب يقابل هذا الترتيب وهو الترتيب العشوائي للقيم الذي يخضع لظروف وضغوط معينة كشخص تكون قيمة الصحة لديه في الدرجة الثامنة من الأهمية مثلاُ ( فهو لا يمارس الرياضة ولا يهتم بما يأكله ولا يلتزم بالوجبات الغذائية أو لا يلتزم بتناول أدوية مرضه المزمن ) فإذا تعرض لوعكة أو مصاب صحي اعتلت قيمة الصحة قائمة أولوياته لتصبح في الدرجة الأولى.
وقد نسميها منظومة القيم الشخصية كونها كل متكامل أخذنا فيه من كل نوع وبترتيب معين قدّم لنا شخصية ومجموعة سلوكيات متفردة لكل واحد فينا.

وأخيرًا أرفق هنا اختبارين لتحديد البناء الشخصي القيمي الأول فيهم للباحث في مجال القيم باريت من خلال موقعه ، والثاني منهم فهو من خلال الإجابة على مجموعة من الأسئلة المباشرة :
اختبار مركز باريت للقيم على هذا الرابط :

بعد القيام باختيار القيم يتم إرسال رسالة على بريدك الخاص بالنتيجة التي ستقوم بقراءتها ومطابقتها مع واقعك.
الاختبار الثاني هو من خلال الإجابة على أسئلة اكتشاف القيم المباشرة :
س1/ ما هو أهم شيء بالنسبة لك والذي لا يمكنك التنازل عنه ؟
س2/ متى تشعرين أنّك بقمة حماسك وفرحك أو بقمة استيائك وحزنك ؟
س3/ ما الذي يُلهمك في قدواتك ؟ هل أنتِ مستعدة أن تكوني
قدوة في نفس المجال ؟
س4/ما الذي تستطيعين بذل مالك وقتك وجهدك في سبيل الحصول عليه أو الوصول إليه ؟
ثمّ لتسهل عليك مهمة ترتيب القيم التي حددتها من خلال أحد الاختبارين السابقين ، فضع نفسك أمام أسئلة تفاضلية ، مثلا إن كان المال والعلم من القيم الهامة بالنسبة لك ؛ لتحدد أكثرها أهميّة اسأل نفسك ، هل تستطيع العيش في مستويات دنيا من الكفاف مقابل أن تكون متعلّما ؟ أو تستطيع أن تحيا بنطاق ضيق من العلم والمعرفة مقابل حيازتك على المال ؟

وعلى هذا الرابط ستجدون قائمة كبيرة تتكون من 170 قيمة يمكنها مساعدتك في تحديد البناء القيمي الشخصي الخاص بك وفي حال وجدت أنك تميلين لقيمتين متقاربتين كالالتزام والانضباط الذاتي مثلاً فخذي القيمة الأعم وهي الالتزام.

وهنا رابط أخير يحوي مقالة للدكتور جمال بن عمار الأحمر الجزائري عن القيم الشخصية وهي من أهم المقالات التي قرأتها في هذا المجال لتعدد مراجعها وثراء مضمونها وتفصيلاتها ، قد تفيد الباحثين عن الاستزادة في هذا المجال.


تحيّاتي : أصالة كنبيجه


2 التعليقات:

السلام عليكم ورحمة الله.. جميل جدًا ما تم طرحه و أحببت طريقتك في كتابتك.. انبهرت فيكِ حقيقةً، عموما حابة اتواصل معاك بخصوص أمر المقابلة الشخصية لأني هذه السنه اشتركت في المسابقة وبستفسر عنها. مع احترامي و ودادي.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكرًا للطفك ، وظنّك الطيّب فيما كتبت.
في الحقيقة أنا أيضًا هذه السنة الأولى التي أشترك فيها في المسابقة
أهلاً بك ، ربما أستطيع مساعدتك في شيء ما.
بالتأكيد تفضلي بالتواصل معي عبر تويتر @ِA9o0L
أو عبر البريد الإلكتروني إن كنتِ تفضلين ذلك :
asala.a.k@hotmail.com

إرسال تعليق