لا بأس يا صديقي كلُّ هذا الألم المتعملق فيك وكل الوجع الذي يتضيق على عنقك وما يخلفه من اختناق مميت ، أشعر به ، أفهمه ، وأدركه ، لكنني ذقت المرّٓ من كأس آخر بلون مختلف وشكلٍ مغاير ، لا تغرنّٓك تلك السعادة التي أبدو بها كزهرة فواحة ، ونبعٍ نضّٓاخة ، أنا فقط أحاول أن أواكب الحياة وأساير السعداء ، أحاول ألا أكون وباءً معديًا أينما حلّ ، وثب معه الحزن والشقاء ، فالجميع مكتفٍ بمرّٓ كأسه ليس فيهم من يطلب المزيد أو يتطلع إليه ، نعم الكل !
ما بالك مشدوهٌ هكذا !
أمك ؟ أبوك ؟ إخوتك وأخواتك ؟ أهلوك أجمعون ؟ العالم بأسره ؟ كبارًا وصغار ؟ أغنياء وذوي الإقلال ؟ ...
نعم يا صديقي كلهم وُلد وكأس المرِّ أمامه ، كُلهم وُلد وسيتذوق الحنظل ، لن يرحل أحد قبل أن يكمل كأسه ، لن يفنى أحد قبل أن يتقلب على جمر الأوجاع ويتلوِّى كمدًا ، هم لا يُنافقونك بكل هذه السعادة البادية ، كلاّ هم كما قلتُ لك يحاولون مواكبة الحياة ، فكن مثلهم ، ليلد لك الحزن من رحمه الفرحة ولتبحث بين آكام الآلام عن المتعة
ربما آنا لا أطبق ما أقوله لك ، ويشقُّ عليّ ذلك ، بقدر زخرفتي لحديثي هذا معك ، يصعب علي الامتثال له، لكنني أحاول وأريد أن آخذ بيدك معي ، أنا لا أحاول وأد حزنك ولا حبسه في قفص صدرك ، فقط أريدك أن تتعلم كيف تبتسم وسط كلِّ هذه المعمعة ، وأن تُجيد شهيق الأمل بعد زفير الألم ، وتقول لي : أنا متعب ومُثقل جدًا ، لكنِّي لازلتُ أملك القوة ، لا زلت بخير.
لك يا قلب قارئي ، فأصالة تتمنى لك كل السعادة والخير.