Pages

الاثنين، 10 أغسطس 2020

يوميات رائدة في أقرأ (2)

 





 " سؤال الطفل ذاك الذي يخرج بصيغته الخام، ربما يساعدك في أن تستعير منه الشغف ومهارة حيازة السؤال ويجعلك أكثر سعة لتقبل أفكار لذيذة وغريبة كغرابة خياله. قد يجعلك سؤاله تبتسم، لكنه سيكون في ذاته سُلَّمًا للوصول لمعنى ما، دون الالتفات حتى لسطوة علامة الاستفهام"

داليا التونسي


ملتقى أقرأ الإثرائي، مٌحترف لصناعةِ الأسئلة، هنا يتعلّم المشاركون والمشاركات فنّ صناعة السؤال وخلق علامة الاستفهام، يتجاسرون على تجاوز قداسة المألوف والبدهي، فيسألون!

يلتفتون إلى الفارق بين ماهية الأشياء والأفكار وأغلفة الفهم المزعومة التي يدَّعيها كلَ منَا، فتتفتت معهم الحقائق أو ما يظنون أنه الحقيقة ويعودون إلى المادّة الأولية منها، نعم الأسئلة تقلب أفكارهم على أعقابها، لكنهم هنا مفتنون جدًا بهذا الانقلاب ويسعون إليه.

خديجة  تقول بعينين متوقدتين: أبحث عن الدهشة.

مارية تُردف بحماسة وتَطلّع: أريد أن أترقّى في مدارج الإلهام.

ريما تؤمن بالعلاقة بين التاريخ والحاضر، كلّما تحدّثت يتجلّى توقها لإيجاد ذاك الخيط الرفيع الذي يربط بينهما، تؤمن بالقيمة خلف الوصول.

آية لا تكلُّ ولا تملُّ باحثة عن جزيرة الكنز خاصتها. حين تصفها تبدو أكثر إثارة من جزيرة سيلفر. تقول: أنها تبحث عن الكنز، فأسألُ أنا.

 إنها عدوى السؤال. بناتي دون أن يدركنَّ يجذبنني بجمال إلى عوالمهن، يشركنني في حكاياهن، فتكبر أسئلتي وأكبرُ أنا، وأراهن على الطفل الذي يكبر في داخلي أيضًا، يكبر ليخلد، لا ليشيخ. يشتعل العمر غضاضة.

يسأل الأستاذ علي البركاتي في نهاية محاضرته المتعلقة بأوهام القراءة، ما الذي يحدث كلما كبرنا لتتناقص سبل الدهشة أمامنا ومعنا؟َ!

فتتبدَّى لي الإجابة في جلسة الحوار السابقة التي أدارتها المشاركة خديجة عن كتاب (أنا ملالا) حين وجهت سؤالًا إلى زملائها مفادهُ " إلى أي مدى يُمكن أن تتحول الأفكار المفروضة قسرًا من سلطة ما مع مرور الوقت إلى جزء من هويتنا وتشكيلنا الذاتي؟"

ليست فقط الأفكار المفروضة بل الموروثة والمعلّبة التي لا يتوانى الكثير ممن حولنا عن تقديمها لنا، هذا ما يحدث يا أستاذ علي.

نقع في فخاخ الوصفات الجاهزة للحياة. معها لا جدوى من السؤال ولا قيمة للدهشة.

ثمّ انتقلنا مع الأستاذ بندر سليمان إلى مساحة مختلفة وممتعة في التدوين البصري، أخرج المشاركون والمشاركات فيها مواهبهم في الرسم ودارت بينهم حوارات رائعة عن علاقة التدوين البصري بالتفكير ومناط حاجتهم له كقرّاء.

أيضًا لم تكن جلسة النقاش التي قدّمتها المشاركة ليان أقلًّ متعة، تثير إعجابي ليان حين تتحدث، مهاراتها اللغوية عالية وحضورها لافت، قدّمت مراجعة جميلة عن كتاب الحقيقة والكتابة لبثينة العيسى، واستطاعت إثارة نقاشات ثرية بين زملائها وزميلاتها المشاركات.

تقول المشاركة بتول: لا أشعر بالتنافسية في أجواء الملتقى، إنّ ما يغلب عليها تطلع المرء إلى خلق علاقات وصداقات تثري رصيد تجربته، تعمّق استفادته، ويختبر معها كلَّ أفكاره التي يعتقد بصحتها وصوابيتها.

وأعتقد أنّ هذا جزء جوهري جميل في مسابقة أقرأ، غياب النزعة التنافسية الشائهة، في كل التفاتة مفاجئة وسريعة مني إلى المشاركين والمشاركات ألتمس ذلك وأراه صريحًا حتى أنّهم لا يترددون في مساعدة بعضهم البعض ومشاركة الأفكار فيما بينهم. بمرور اليوم الثاني فقط هناك تبدّى الدفء والتقارب فيما بينهم وهذه إحدى بركات أقرأ. وما أكثر بركاتها.

ومما يميز هذا الموسم أيضًا فصل الملتقى الإثرائي الخاص بالمرحلة الإبتدائية والمتوسطة عن الملتقى الخاص بالمرحلة الثانوية والجامعية، نجاح هذه الخطوة بدا منذ اليوم الأول.

أشعر بالتعبِ اللذيذ.

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق